أرشيف الأخبار
تنظيم مؤتمر علمي دولي حول التعليم القانوني وافتتاح كلية الحقوق
عقدت كلية الحقوق في جامعة الخليل، ضمن مشروع العيادة القانونية الممول من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبرنامج دعم قطاع العدالة الفلسطيني، مؤتمرا علميا دوليا حول "المناهج العالمية للتعليم القانوني: خبرات من أجل فلسطين"، والذي ضم خمسة وعشرين خبيرا قانونيا من الولايات المتحدة وبرطانيا وجنوب أفريقيا وفرنسا والأردن وجامعات الخليل والقدس والعربية الأمريكية والنجاح وفلسطين الأهلية. كما تزامن المؤتمر مع حفل الافتتاح الرسمي لكلية الحقوق في جامعة الخليل.
تحدث في الافتتاح كل من الدكتور نبيل الجعبري، رئيس مجلس أمناء جامعة الخليل، ورئيس الجامعة الأستاذ الدكتور أحمد العطاونة، ورئيس المؤتمر وعميد كلية الحقوق الدكتور معتز قفيشة، ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فريد الجلاد، ووكيل وزارة العدل المستشار خليل قراجة الرفاعي، والنائب العام لدولة فلسطين الأستاذ القاضي عبد الغني العويوي والدكتور على خشان خبير التعليم القانوني ووزير العدل الأسبق. حضر المؤتمر عدد من الوزراء ورؤساء الأجهزة الرسمية وممثلي المنظمات الدولية وأساتذة الجامعات والقضاة ووكلاء النيابة والمحامين وطلبة القانون وأعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني.
افتتح المؤتمر الدكتور نبيل الجعبري الذي رحب بالخبراء وبالحضور. وقال أنه بسبب سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على فلسطين، حرمت الجامعات الفلسطينية لفترة طويلة من تدريس القانون. ففي عام 1986 بزغت أول محاولة فلسطينية لتدريس القانون وذلك في جامعة الخليل. وبعد سنة من التعليم، هددت سلطات الاحتلال بإغلاق الجامعة إذا استمر تدريس القانون فيها، وذلك لعدم رغبة الاحتلال في أن يستخدم الفلسطينيون القانون والمحاكم كأداة لمقاومة انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها الاحتلال. وقال الدكتور نبيل الجعبري أن إنشاء كلية الحقوق في جامعة الخليل بعد 27 سنة منذ العام 1986 دليل على أننا باقون في هذه الأرض. فمن الأفضل للاحتلال الإسرائيلي أن يتراجع عن احتلاله الآن لأننا سنحقق ذلك الاستقلال يوما ما وستزول الانتهاكات. لذلك تسعى كلية الحقوق إلى خلق جيل من المدافعين عن حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة الدولة، حقه في التعليم، حقه في الحركة، حقه بالعيش الطبيعي مثل بقية شعوب الأرض. ومن أجل المساهمة في تطوير قطاع العدالة في فلسطين وإعداد كادر قادر عن الدفاع عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، أنشأت جامعة الخليل قسم الفقه والقانون في سبتمبر/ أيلول 2008، والعيادة القانونية في سبتمبر/ أيلول 2011. تسعى العيادة القانونية إلى بناء قدرات الطلبة على ممارسة المهن الحقوقية من خلال تطبيق معرفتهم النظرية القانونية وتقديم المساعدة القانونية المجانية للفئات المهمشة في المجتمع. وفي آب/ أغسطس 2013، تم إنشاء كلية الحقوق في جامعة الخليل، والتي نسعد اليوم بالاحتفال بتأسيسها، وذلك بعد اعتمادها من قبل وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، وتعتبر أول كلية حقوق فلسطينية يدرس فيها القانون بشكل متخصص في مرحلة البكالوريوس، من خلال أقسامها الثلاثة: قسم القانون والفقه، قسم القانون العام، وقسم القانون الخاص؛ إلى جانب العيادة القانونية الموجودة أصلا.
أما الدكتور أحمد العطاونة فقدم لمحة عن برامج جامعة الخليل وقال أن كلية الحقوق ستكون متميزة من خلال ربط الكلية بسوق العمل وربطها بمؤسسات العدالة مثل القضاء والنيابة العامة والوزارات. كما تقدم الكلية من خلال العيادة القانونية الاستشارات القانونية لأفراد المجتمع. كما تسعى الكلية إلى التعاون مع كليات الحقوق على المستويين الفلسطيني والدولي.
وقال الدكتور معتز قفيشة أن الهدف من هذا المؤتمر هو تحليل الوضع الحالي لنظام التعليم القانوني في فلسطين واقتراح حلول قد تساهم في تقدم هذا النظام في ضوء التطورات الحديثة التي يشهدها العالم. وعلى وجه الخصوص، يسعى المؤتمر إلى التركيز على التعليم القانوني العملي والبحث عن إمكانية تحويل كليات الحقوق إلى مختبرات قانونية يتمكن من خلالها طلبة القانون من ممارسة المهن الحقوقية فور التخرج؛ والمساهمة، من خلال العيادات القانونية، في العدالة الاجتماعية داخل مجتمعاتهم المحلية وفي العالم. وقال أنه نتيجة لتعدد الأنظمة السياسية التي حكمت فلسطين منذ انفصالها عن الدولة العثمانية، تأثرت البلاد بأنظمة قانونية مختلطة. فالقانون المطبق حاليا في فلسطين هو مزيج من الأنظمة القانونية العثمانية والبريطانية والأردنية والمصرية والإسرائيلية والفلسطينية. وقد أثرت هذه الأنظمة في منهجية التعليم القانوني. ولأن معظم أساتذة القانون في فلسطين هم خريجو كليات الحقوق العربية والأوروبية، فقد تأثر تدريس القانون إلى حد كبير بالنموذج اللاتيني الفرنسي الذي يعتمد التعليم النظري. ولكن بسبب تأثر فلسطين بالاتجاهات الحديثة في التعليم، وخاصة النظام الأمريكي، والحاجة لربط التعليم بسوق العمل والمهن الحقوقية، فقد بدأت الجامعات باعتماد طرق تدريس عملية، بما في ذلك التعليم من خلال العيادات القانونية والمحاكم الصورية والتركيز على المهارات وربط الطلبة بمهنة المحاماة والقضاء والنيابة العامة والمؤسسات الرسمية وغير الحكومية والمنظمات الدولية. وأضاف أنه سوف يتم العمل على نشر أبحاث مختارة تقدم في المؤتمر في كتاب جماعي بعد تحكيمها. وأنه تم نشر معظم الأبحاث التي قدمت في المؤتمر القانوني الذي نظمته جامعة الخليل العام الماضي في كتاب بعنوان "عضوية فلسطين في الأمم المتحدة: الأبعاد القانونية والعملية"، من خلال كامبردج سكولز، إنجلترا، 2013.
أما الأستاذ فريد الجلاد فقال أن مجلس القضاء الأعلى مستعد للتعاون مع كليات الحقوق من خلال برامج معهد التدريب القضائي ومن خلال رفد كليات الحقوق بالقضاة للتدريب فيها وتقديم الخبرات العملية في مختلف القضايا.
أما الأستاذ عبد الغني العويوي فهنأ جامعة الخليل على افتتاح كلية الحقوق وقال أن النيابة العامة مستعدة للتعاون معها من خلال تقديم تدريبات للطلبة في قضايا قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية ووسائل التحقيق والبينات في المسائل الجزائية وكذلك في انتداب أعضاء النيابة العامة للتدريس والتدريب في كليات الحقوق والعيادات القانونية.
أما الأستاذ خليل قراجة الرفاعي فقال أن وزارة العدل ستعمل على زيارة كلية الحقوق في جامعة الخليل من أجل بداية التعاون في برامج إعداد المحامين والحقوقيين الشباب وهو جزء من مشروع دولي ستشرف عليه وزارة العدل. كما أن الوزارة ستدعو كلية الحقوق في جامعة الخليل إلى الاشتراك في إعداد الصياغة النهائية لدليل الصياغة التشريعية.
أما الدكتور علي خشان فحث كلية الحقوق في كلية الحقوق في جامعة الخليل على التعاون مع الكليات العالمية والتدريس باللغة الإنجليزية من أجل خلق القدرة لدى الطلبة للمنافسة على المستوى الدولي وتوسيع امكانيات الحصول على فرص عمل.
في الجلسة العلمية الأولى ألقى خمسة خبراء مداخلات، لخصت أبحاثهم العلمية على النحو التالي.
ألقى المداخلة الأولى البروفسور فرانك بلوك، أستاذ القانون في جامعة فاندربلت الأمريكية ورئيس الاتحاد العالمي للتعليم القانوني، حول "المناهج العالمية للتعليم القانوني: دور العيادات القانونية في إصلاح أنظمة التعليم الحقوقي". وقال أنه نظرا لأن مؤسسات التعليم القانوني محافظة بطبيعتها، لذلك يأتي التغيير في التعليم القانوني ببطء، وينطبق ذلك على كليات الحقوق. وتأتي الجهود الرامية إلى إصلاح التعليم القانوني المهني ببطء أيضا، في موازاة التزمت لدى نقابات المحامين التي لا تحبذ التغيير. يؤثر ذلك على التعليم من خلال العيادات القانونية. فقد سعى المعلمون في العيادات القانونية للتصدي لفشل كليات الحقوق في العالم لإعداد أجيال المستقبل من المحامين المختصين والمسؤولين مهنيا، من خلال الجمع بين التعليم والمهارات المهنية والعمل الاجتماعي والمساعدة القانونية للفقراء الغير قادرين على توكيل محامين. ومن خلال المطالبة بتحول التعليم القانوني ليكون أكثر صلة بحاجات المجتمع، وللجمع بين العناصر الثلاثة الرئيسية لكليات الحقوق، أي التدريس والبحث والخدمة العامة، يمكن للحركة العالمية للعيادات القانونية المساعدة في تمهيد الطريق نحو إصلاح التعليم القانوني برمته.
أما المداخلة الثانية فألقاها الأستاذ الدكتور عثمان التكروري، أستاذ القانون في جامعة القدس وقاضي المحكمة الفلسطينية العليا، والذي تناول موضوع "تاريخ وواقع ومستقبل التعليم القانوني في فلسطين: تقييم لبرامج إحدى عشر كلية حقوق في الجامعات الفلسطينية". شملت هذه الدراسة نبذة تاريخية عن تدريس القانون في فلسطين. ثم تناولت تحليل الخطط الدراسية في كليات الحقوق الفلسطينية الإحدى عشر والمقارنة بينهم لبيان مدى ملاءمتهم لتأهيل الطلبة بعد تخرجهم للعمل في القضاء أو النيابة العامة أو المحاماة أو في الاستشارات القانونية. وقد خلصت الدراسة إلى أنه، نظرا لتنوع الموضوعات المستجدة وكثرتها، أصبح من اللازم أن تتجه خطط كليات الحقوق نحو التخصص في المجالات المختلفة للقانون، وإعادة النظر في عدد ساعات المساقات الإجبارية المشتركة ومساقات التخصص في كل قسم، ليشمل أكبر عدد ممكن من المساقات الجديدة ذات العلاقة بما يتيح المجال للطالب التخصص في مجال محدد، وذلك كخطوة لدفع المحامين للعمل في شركات بدل العمل الفردي السائد حاليا، وكذلك التوسع في تطبيق مبدأ القضاء المتخصص، مثل محاكم العمال وقضاء الأحداث ومحاكم جرائم الفساد والقضاء الإداري.
ألقى المداخلة الثالثة الأستاذ الدكتور أمين دواس، أستاذ القانون في الجامعة العربية الأمريكية في جنين، والتي كان موضوعها "طرق التدريس في كليات الحقوق الفلسطينية بين النظام اللاتيني والنظام الأنجلو-سكسوني". تناول هذا البحث أهم الطرق المتبعة في تعليم القانون وفقا للنظامين الرئيسيين في العالم (نظام الكومن لو، والنظام اللاتيني)، بما لها من مزايا وما عليها من عيوب. ومن ثم ناقش الطرق المتبعة في تعليم القانون في فلسطين وموقعها من الطرق المتبعة في هذا المجال في الجامعات العالمية.
في الكلمة الرابعة تحدث اليروفيسور دافيد ماكود–ماسون، أستاذ القانون في جامعة كوازولو-ناتال في جنوب أفريقيا، حول "تدريس العدالة الاجتماعية لطلبة القانون من خلال العيادات القانونية: نموذج جنوب إفريقيا". وقال أن التعليم القانوني عن طريق العيادات القانونية يشمل متابعة قضايا حقيقية يتمكن من خلالها الطلبة وبرامج "قانون الشارع" من توفر آليات تدريبية لتعليم العدالة الاجتماعية والأخلاق. يمكن تدريس العدالة الاجتماعية بشكل أفضل من خلال الجمع بين النظريات الأكاديمية والخبرة العملية وخدمة المجتمع، وعدم الاقتصار على دراسة الكتب. وبالرغم من اعتبار الدراسة النظرية أمرا مهما لتحقيق العدالة الاجتماعية، إلا أنه لا يمكن أن يكون لتلك الدراسة أثر ملموس إلا إذا تمت ممارستها بالفعل. وفي البلدان النامية، ينبغي تشجيع الطلبة على المشاركة في خدمة المجتمع، لا سيما أن طلبة القانون يعتبرون من النخب المتميزة التي غالبا ما تعيش في محيط من الفقر. ويجب أن تمنح الجامعات طلبة العيادات القانونية ساعات أكاديمية معتمدة مقابل عملهم في خدمة المجتمع؛ إذ أن تلك الخدمة تستهلك من الوقت أكثر من مجرد حضور المحاضرات. ويمكن لبرنامج كليات الحقوق وللعيادات القانونية أن تشمل خدمة المجتمع بشكل صحيح وأن تزود طلبة القانون بفرص لا تقدر بثمن من خلال فتح المجال لهم لخدمة العدالة الاجتماعية في بلدهم والحصول على فرص عمل، في حين تمكنهم في نفس الوقت من مساعدة السكان الأقل حظا.
وفي المداخلة الخامسة في اليوم الأول للمؤتمر عرض الدكتور معتز قفيشة، عميد كلية الحقوق في جامعة الخليل، موضوع "العيادات القانونية في فلسطين: الواقع والمستقبل". وقال أنه بالرغم من الإنجازات التي حققتها العيادات القانونية الست الموجودة في فلسطين خلال السنوات القليلة الماضية، فإن مستقبل التعليم عن طريق العيادات لا يزال مهتزا. فقد تحتاج العيادات إلى سنوات حتى تأخذ دورها الذي تستحقه في إطار التعليم القانوني. لم تنجح معظم كليات الحقوق الفلسطينية بعد في تبني نظام واضح للعيادات القانونية في المناهج الدراسية. تزعم هذه الورقة أنه يمكن أن يكون للعيادات القانونية قدرة غير محدودة على النهوض بالتعليم القانوني وعلى تقوية مرحلة التدريب على مهنة المحاماة، وعلى تقديم المساعدة القانونية. لكن هذه القدرة تتطلب سلسلة من الإصلاحات، منها إدماج العيادات القانونية في المنهاج الدراسي للجامعات، واعتبار العمل في العيادة جزء من مرحلة التدريب على مهنة المحاماة، وضرورة الاعتراف الرسمي بالعيادات من قبل نقابة المحامين من خلال تعديل قانون تنظيم مهنة المحاماة، وفي قانون المساعدة القانونية؛ وذلك بأن يسمح لطلبة العيادات بتقديم الاستشارات القانونية وحتى الترافع أمام المحاكم في بعض القضايا، كما هو الاتجاه السائد في عدد من الدول المتقدمة. وبعد تحليل مناهج الجامعات الفلسطينية في التعليم القانوني ومكانة العيادات القانونية فيها، ناقش قفيشة الوسائل التي يمكن من خلالها تعزيز مكانة العيادات القانونية في: (1) المنهاج الدراسي، (2) التدريب العملي، (3) مهنة المحاماة، و(4) المساعدة القانونية؛ فكل من هذه الآليات الأربع يشكل حلقة في سلسلة العدالة. تتبع الورقة منهجا مقارنا وتراجع نماذج لبرامج ناجحة لعيادات قانونية في العالم، بالإضافة إلى إجراء عمل ميداني.
هذا ويستمر المؤتمر لمدة ثلاثة أيام، من 1 إلى 3 تشرين الأول 2013، ويتضمن خمس وعشرين ورقة علمية، تدور حول المحاور التالية: نظام التعليم القانوني الأنجلو-أمريكي ونظام التعليم اللاتيني وأثرهما على فلسطين؛ مناهج التعليم العملية والنظرية للقانون؛ دور العيادات القانونية في تدريس القانون بشكل عملي وخدمة المجتمع؛ تدريس مساقات الشريعة الإسلامية في كليات الحقوق؛ مناهج تدريس مواضيع متخصصة مثل القانون الدولي، القانون المدني، القانون التجاري، القانون الدستوري، وقانون العقوبات؛ تعليم حقوق الإنسان؛ إدارة التعليم وتطوير مناهجه ودور وزارات التعليم العالي ونقابات المحامين وإدارات الجامعات؛ العلاقة بين كليات الحقوق ومؤسسات قطاع العدالة، خاصة المحامين والقضاة وأعضاء النيابة العامة والبرلمانات والأجهزة الحكومية والمجتمع المدني والمؤسسات الدولية.