أرشيف الأخبار
العيادة القانونية في جامعة الخليل تنظم ندوة حول إصلاح قطاع العدالة الفلسطيني
الخليل، 15 تشرين أول —2012 نظمت العيادة القانونية في جامعة الخليل ندوة حول إصلاح قطاع العدالة الفلسطيني وفقا لرؤية وزير العدل، بمشاركة حوالي 200 شخصية مثلت مختلف أركان قطاع العدالة من كافة المحافظات الفلسطينية والأمم المتحدة والمنظمات الدولية: وزارة العدل والقضاء والنيابة العامة ونقابة المحاميين وكليات الحقوق من أساتذة قانون وطلبة والمجتمع المدني. هدفت الندوة إلى طرح نقاش علمي هادئ وموضوعي حول المقترحات التي قدمها وزير العدل الأستاذ علي مهنا على مجلس الوزراء لتطوير قطاع العدالة، والذي اعتبره البعض ثورة جذرية على الترهل الذي يعتري قطاع العدالة في فلسطين.
بدأت الورشة بكلمة ألقاها الدكتور معتز قفيشة، أستاذ القانون في الجامعة ومدير العيادة القانونية، والذي قال فيها أنه وبالرغم من تعدد الوسائل التي تطرحها الجهات المتعددة لتطوير قطاع العدالة، إلا أن الجميع يتفق على حقيقة واحدة وهي ضرورة الإصلاح. ونوه الدكتور قفيشة إلى أن اقتراح وزير العدل قد أتى لتحريك المياه الراكدة فيما يتعلق بضرورة الإصلاح دون إبطاء وذلك من أجل وضع إطار قانوني يضمن الإسراع في الفصل في القضايا وتعيين القضاة على أساس الكفاءة وإيجاد قضاء متخصص (إداري، مدني، تجاري، دستوري، أحول شخصية، عمل، جنائي) يعمل تحت مظلة واحدة تضمن حقوق المواطن وكرامته.
قدم الأستاذ علي مهنا وزير العدل عرضا حول مقترحه لتطوير قطاع العدالة في فلسطين. وقال أن التجربة الفلسطينية في المجال القضائي والتشريعي لا تزال حديثة، مشيرا إلى أن الحديث عن الإصلاح لا يقتصر على القضاء بل يشمل كافة أذرع العدالة: التعليم القانوني، المحكمة الدستورية، النيابة، والقضاء الذي يعتبر "قلب العدالة النابض". وقال أن وزارة العدل قد قدمت تصورا لمجلس الوزراء باعتباره إطارا سياساتيا يحتاج إلى سلسلة من التشريعات لتنفيذه. وأشار إلى أن الجمع بين منصبي وزير العدل والنائب العام يمثل التوجه الحديث على المستوى العالمي، فقد أخذت به دول مثل الولايات المتحدة وكندا وحتى بعض الدول ذات النظام اللاتيني كإيطاليا وفرنسا. وشدد على ضرورة إنشاء محاكم إدارية على مستوى المحافظات وأن يكون التقاضي فيها على درجتين. وأضاف إلى امكانية تعديل القانون الأساسي كونه وضع لفترة انتقالية قد انتهت وبسبب عدم امكانية التعديل عن طريق المجلس التشريعي المعطل حاليا.
بدوره أكد القاضي موسى شكارنة، رئيس محكمة بداية الخليل وممثل رئيس مجلس القضاء الأعلى، أن مقترحات وزير العدل لم تعرض على السلطة القضائية ولن تؤدِ إلى إصلاح القضاء وستؤدي "إلى تغول السلطة التنفيذية على القضاء الأمر المخالف للقانون الأساسي، وأن الإعلام ليس المكان المناسب الذي يتم فيه مناقشة إصلاح قطاع العداله". وأوضح أن القانون الأساسي يوجب أخذ رأي مجلس القضاء في مشروعات القوانين المرتبطة بالسلطة القضائية بما فيها النيابة العامة. ونوه شكارنة إلى تطور القضاء الفلسطيني منذ عام 2005 بدوائره المتعددة من معهد التدريب والمكتب الفني وغيرها. وأردف أن القضاء الفلسطيني قد نأى بنفسه عن التجاذبات السياسية، فهو قضاء منفتح على كافة المقترحات.
بدأ الدكتور أحمد براك، رئيس النيابة العامة والمحاضر في الجامعات الفلسطينية، مداخلته حول "المركز القانوني للنيابة العامة في الأنظمة القانونية المقارنة"، باستعراض الأنظمة القانونية للنيابة العامة في العالم. وقال أن النيابة هي سلطة تحقيق وسلطة اتهام وفيها الخصومة الإجرائية. وأكد أن النيابة العامة في معظم دول العالم تعتبر شعبة من شعب السلطة القضائية ويجب تفعيل ذلك من خلال قانون السلطة القضائية، مشيرا في الوقت ذاته إلى تبعية النيابة العامة لوزير العدل ممكنة في حالة عدم تدخل جهة حكومية، مع ضمان وجود نيابة خاصة بمحاكمة كبار الشخصيات. وأوصى في نهاية مداخلته على ضرورة تفعيل التفتيش القضائي ووجوب إيجاد ترجمة عملية لقانون السلطة القضائية في هذا الشأن.
أما الأستاذ حاتم شاهين، عضو مجلس نقابة المحامين الفلسطينيين، فتحدث عن دور نقابة المحامين في إصلاح النظام القانوني والقضائي، وضرورة إدخال النقابة في أي عملية تطويرية وإصلاحية لقطاع العدالة. وأكد شاهين على ضرورة إصلاح قطاع العدالة وأن مبادرة الوزير ضرورية لكسر حدة الجمود الموجود في هذا القطاع، مع التشديد على أهمية صدور مثل هكذا اقتراح بالتشاور مع المحامين والقضاة وأساتذة القانون في الجامعات.
وقال ممثل كليات الحقوق الدكتور أحمد السويطي، رئيس قسم الفقه والقانون في جامعة الخليل، في مداخلته حول "تطوير قطاع العدالة بين الواقع والقانون"، أن اقتراحات وزير العدل فيها مخالفة للقانون وتمس السلطة القضائية ومبدأ الفصل بين السلطات، مشددا على ضرورة التمسك بنصوص القانون الأساسي الذي يضمن سيادة القانون.
بعد المداخلات أثار الحضور مجموعة من الأسئلة والنقاشات التي تمحورت حول اقتراحات وزير العدل بين مؤيد ومعارض. وتمت التوصية بضرورة تسريع وتيرة الإصلاح القضائي، وتعيين القضاة على أساس الكفاءة ووضع سقف زمني للفصل في القضايا لا يتجاوز العام للقضية الواحدة، وضرورة أن تأخذ السلطة القضائية دورها في تنفيذ قرارات المحاكم وعدم تركها للأجهزة الأمنية، وأن يكون لنقابة المحامين دور في الاعتراف بالعيادات القانونية، وامكانية ترافع طلبة القانون أمام المحاكم، وإدماج العيادات القانونية ضمن قانون المساعدة القضائية كما هو الحال في الدول المتقدمة، وإلى ضرورة الإسراع في سن القوانين الجوهرية: القانون المدني وقانون العقوبات وقانون التجارة وقانون الشركات.
وبعد الندوة قام الحضور بجولة في العيادة القانونية والتعرف على مرافقها من مكتبة قانونية حديثة ومختبر كمبيوتر ومحكمة صورية، مشيدين بالعيادة القانونية كنموذج يحتذى على المستويين الفلسطيني والعربي من خلال الأنشطة والخدمات النوعية التي تقدمها.