أرشيف الأخبار
مشاركة الجامعة في ورشة عمل في بيت لحم حول العدالة التصالحية في الفكر الإسلامي
خلال ورشة عمل عقدتها منظمة أرض الإنسان السويسرية حول العدالة التصالحية في مدينة بيت الفلسطينية، ألقى الدكتور معتز قفيشة، عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة الخليل وأستاذ القانون الدولي المشارك والمتخصص في مجال العدالة التصالحية في النظم الجنائية المقارنة، محاضرة حول العدالة التصالحية في الفقه الإسلامي والنظام العشائري في فلسطين. تضمنت المحاضرة، التي شارك فيها أربعون شخصا من طلبة الحقوق والمتخصصين في مجال القانون الجنائي، مقارنة بين العدالة التصالحية في القانون الدولي والقوانين المقارنة التي يطبق فيها هذا النظام (خاصة كندا ونيوزيلندا وأستراليا) مع بذور هذا النظام في الفقه الإسلامي والموروث العشائري العربي. هدفت المحاضرة إلى تقديم مقارنة علمية بين الفقه والقانون والواقع العملي في فلسطين، باعتبار أن قسم الفقه والقانون هو من أقسام الكلية الأربع.
قدمت المحاضرة عرضا سريعا لمفهوم العدالة التصالحية، باعتباره أحد أحدث طرق فض المنازعات الناتجة عن ارتكاب الجرائم والذي يتضمن حلا شاملا لمشكلة الجرائم من خلال إدماج كافة الجهات ذات المصلحة لإعادة ترميم العلاقات الاجتماعية التي تحدثها الجرائم. وتبين من خلال البحث أن العدالة التصالحية متأصلة في النظريات الفقهية التي أوردها الفقهاء والقضاة عبر مئات من سنوات التاريخ الإسلامي الممتد. تشمل هذه الطرق الوسائل البديلة للعقوبات الردعية، منها وردت في الفقه بشكل مفصل وهي الدية بدل الإعدام والقصاص والتي تشكل ما يسمى اليوم بالتعويض عن طريق العاقلة والدواوين ونظام الحمالة الذي يعبر عن فكرة التضامن المجتمعي ويشكل رادعا من إعادة ارتكاب الجريمة، والصلح في جرائم الأموال التي قد تسقط العقوبة، والعفو من قبل الضحية أو أهله. كما تشمل الوسائل الترميمية للجريمة طرقا أخرى منها التوبة، وهي وسيلة علاج نفسية ذاتية، والكفارة التي تشبه اليوم فكرة خدمة المجتمع، والكفالة والشفاعة وخدمة المجني عليه، أو هجر الجاني التي قد تشبه في القوانين المقارنة فكرة الإقامة الجبرية في المنزل أو في منطقة جغرافية محددة تحت الرقابة الاجتماعية أو الرسمية. كما تطرقت المحاضرة لطرق إعادة دمج الجاني في المجتمع من خلال النهي عن تذكير الجاني بأنه ارتكب جريمة في الماضي واعتبار التائب من الجريمة كأنه لم يجرم. وقد أورد قفيشة العديد من الآراء من أمهات كتب الفقه الإسلامي من مذاهب متعددة.
وفي السياق الفلسطيني أورد المحاضر إيجابيات وسلبيات النظام العشائري الفلسطيني وأوجه التشابه بينه وبين النظام الإسلامي ونظام العدالة التصالحية في النظم المعاصرة. وأوصى بأن يتم إدماج بعض مفاهيم العدالة التصالحية في النظام العشائري وفي الفقه في قانون عصري يأخذ بالجوانب الإيجابية للموروث ويجنب السلبيات التي تلحق الأذى بالمجتمع مثل نظام إجلاء ذوي الجاني أو ظلم الضعفاء (خاصة المرأة أو الأطفال أو الأشخاص المنتمين لعائلات صغيرة) على حساب الاستقرار أو الانتقام أو العقوبات الانتقائية.
يذكر أن هذه المحاضرة قد جاءت كتلخيص لأبرز نتائج بحث علمي محكم أعده الدكتور قفيشة بعنوان: "العدالة التصالحية في الفقه الإسلامي: مساهمة للنظام الدولي" والذي تم نشره في المجلة الدولية للعلوم الجنائية عام 2012 باللغة الإنجليزية. كما أن الكلية قد استضافت قبل عدة أيام بروفيسور من جامعة ساوث ويلز البريطانية الذي تحدث عن فكرة العدالة التصالحية وممارستها في القوانين المقارنة. وبعد المحاضرة ناقش الدكتور قفيشة مع مسؤولي منظمة أرض الإنسان السويسرية في فلسطين إمكانية افتتاح عيادة قانونية متخصصة بالعدالة التصالحية، خاصة للأطفال الأحداث، في جامعة الخليل خلال الفصول الدراسية القادمة.